كشف كلايتون سويشر – كبير المحقيين الاستقصائيين في الجزيرة – عن ظهور وثيقة تكشف عن تعاون بين إسرائيل وجنوب افريقيا من اجل التجسس على حكومة الرئيس الاسبق محمد مرسي وجماعة الإخوان التي ينتمي لها .
وقال كلايتون في مقال نشر بموقع “الجزيرة” أن البرقية المسربة تكشف عن عدة اسئلة حاول الموساد معرفتها عن مرسي عقب توليه السلطة .
وإلى نص المقال: أثار التغير السريع للسلطة في مصر بعد ثورة يناير 2011 حفيظة إسرائيل التي تعودت أن يكون على سدة الحكم في مصر شخص يقود نظام صديق لها، فسعت لمعرفة تفاصيل الحكم الجديد الذي لم يكن يشبه ما تعودت عليه.
بينما كانت انتفاضة الربيع العربي تجتاح مصر كانت القوى الغربية تتفرج قلقة لترى أي حكومة ستحل محل دكتاتورية حسني مبارك، وكانت إسرائيل واحدة من الدول التي أبدت الاهتمام الأكبر بما يجري.
وبحسب برقية سرية للغاية سربت إلى الجزيرة، فإن جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد سعى للحصول على معلومات مفصلة من نظيره في جنوب أفريقيا حول محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا بتاريخ مصر، وحول شخصيات مهمة في حركة الإخوان المسلمين.
في 30 يوليو/تموز ٢٠١٢ -بعد شهر واحد من أداء مرسي القسم- أبرق الموساد إلى جهاز أمن الدولة في جنوب أفريقيا بطلب سري، للحصول على معلومات استخباراتية حول ما يلي:
– ما الخطوات الإضافية التي تتوقع أن يتخذها الإخوان المسلمون لإضعاف نفوذ الجيش والمحاكم والدولة العميقة في مصر؟ – بعد خطة المائة يوم التي أعلن عنها مرسي، ما هي الأهداف الأخرى التي وضعها الإخوان المسلمون لضمان تحقيق إنجازات سريعة للفوز بإعجاب الرأي العام؟
– تفاصيل العلاقات بين الرئيس مرسي والإخوان المسلمين بما في ذلك خيرت الشاطر ومحمد بديع، وما هي إجراءات صناعة القرار في الرئاسة؟
– تفاصيل دائرة مستشاري مرسي: الأسماء، الوظائف داخل الرئاسة، والارتباطات بالإخوان المسلمين، والارتباطات بمرسي شخصيا.
– تفاصيل الخطوات التي يتخذها الإخوان المسلمون لاختراق جهاز الأمن (الجيش وآليات الدفاع والشرطة)، والنظام القضائي ونظام الخدمة المدنية، ومن هم الأشخاص في هذه الأجهزة الذين يعرف عنهم أو يشك في أن لهم ارتباطات بالإخوان المسلمين.
انقلاب عسكري يثير ذلك تساؤلا عما إذا كان الموساد سعى للحصول على هذه المعلومات فقط كبيانات مراقبة لتقديمها للقادة السياسيين في البلاد أم أن وراء الأكمة ما وراءها، وعلى فرض أن جهاز جنوب أفريقيا تمكن من توفير هذه البيانات -ولا يوجد في برقيات التجسس ما يشير إلى أن أسئلة الموساد تمت الإجابة عنها
– فمن الواضح أنها ستكون ذات فائدة لأي طرف يرغب في إجهاض حكم الإخوان بمصر.
أطيح بالرئيس مرسي بانقلاب عسكري في يونيو/حزيران ٢٠١٣ بعد عام واحد من استلامه الرئاسة. من الملاحظ أن الموساد يستخدم عبارة “الدولة العميقة”، وهو مصطلح يصف القوى المتنفذة داخل الجيش والخدمة المدنية والقضاء، إضافة إلى النخبة الاقتصادية التي اجتمعت معا لتسقط الحكم الديمقراطي في مصر. الرجل الذي قاد استيلاء العسكر على السلطة وبات الآن رئيس مصر هو الجنرال عبد الفتاح السيسي الذي تتلخص بشخصه الدولة العميقة والذي يتمتع بعلاقات دافئة مع إسرائيل التي لها مصلحة إستراتيجية أن يكون حاكم مصر صديقا لها.
من المعروف أن أجهزة المخابرات في البلدين -مصر وإسرائيل- احتفظت بعلاقات حميمة ومتداخلة منذ أن وقعت حكومتا البلدين اتفاقيات كامب ديفد عام ١٩٧٨، كان الرئيس السيسي يشغل من قبل منصب مدير المخابرات الحربية. في أوائل ٢٠١٤ أشاد المحلل العسكري الإسرائيلي إيهود يعاري بالصداقة “الحميمة” التي تربط السيسي بإسرائيل قائلا: لدينا تعاون غير مسبوق من حيث الحجم والكم والحميمية -إذا جاز لي التعبير- بين إسرائيل والمؤسسة العسكرية المصرية.
هذا ما قاله يعاري لجمهور حضر ليسمعه في أستراليا، لقد كانت شراكة لا مثيل لها “الأفضل على الإطلاق، لم تصل إلى هذه النقطة في عهد حسني مبارك ولا حتى في عهد الرئيس السادات”.
قامت دول الخليج -خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة- علنا بدعم حكومة السيسي العسكرية وقدمت لها الدعم المالي. تشاطرت إسرائيل ودول الخليج الخوف من حكومة يقودها الإخوان المسلمون في القاهرة، وقامت أيضا بجهود دبلوماسية دعما للانقلاب من خلال محاولة التأثير على الإدارة الأميركية لتمتنع عن معاقبة نظام السيسي لقيامه بالانقلاب على حكومة منتخبة. غير أنه لم يتضح بتاتا ما إذا كان الإسرائيليون قد لعبوا دورا في الأحداث التي جاءت بالسيسي إلى السلطة.
ثورة يناير أدت إلى تغير سريع في السلطة بمصر لدرجة أقلقت الموساد (غيتي) تغير مفاجئ من الطبيعي أن يقوم أي جهاز مخابرات يتحمل مسؤولياته بالسعي لفهم تداعيات التغيير المفاجئ في النظام في عاصمة دولة كبيرة مجاورة، فمصر هي أكثر الدول العربية كثافة سكانية وهي الأولى التي أبرمت اتفاق سلام مع إسرائيل، ولا غرابة إذ ذاك أن يرغب صناع القرار في إسرائيل في فهم نوايا الحكومة الجديدة بالقاهرة.
غير أن الإسرائيليين كانوا يسعون للحصول على معلومات تفصيلية حول آليات صناعة القرار في القيادة المصرية وحول خطط محددة تتعلق بالسياسة المحلية، كما أن الموساد طلب معلومات عن هويات بعض الناس داخل الأجهزة الأمنية وفي القضاء وفي الخدمة المدنية ممن قد يعتبرون موالين للإخوان المسلمين.
مثل هذه المعلومات من شأنها أن تعطي صناع القرار الإسرائيليين صورة تفصيلية جدا حول الديناميكيات السياسية في القاهرة، كما أنها ستكون مفيدة جدا لكل من يخطط لإسقاط الحكومة. لا نستطيع القول إن الحالة تشبه قيام سارق بالسعي للحصول على الرقم السري لجهاز الإنذار في منزل جاره، ولكن العقل المتشكك قد يفسر ما فعله الإسرائيليون على هذا النحو.
سما+وكالات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق