الصفحات

أعلان الهيدر

الأحد، 20 مارس 2016

الرئيسية الزواج العرفي في تونس.. وحيرة بين تجريم القانون وتحليل الشرع

الزواج العرفي في تونس.. وحيرة بين تجريم القانون وتحليل الشرع



رغم أن قانون مجلة الأحوال الشخصية في تونس والذي أصدره الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة سنة 1956 كان واضحاً في فصله 18 بمنع الزواج العرفي وتعدد الزوجات وأي زواج على خلاف الصياغة القانونية بل وعقوبة السجن سنة وغرامة مالية للمخالفين، إلا أن ذلك لم يمنع انتشار ظاهرة الزواج العرفي أو الزواج على خلاف الصياغة القانونية في تونس التي طالما تباهت نساؤها بوجود ترسانة من القوانين في دولة حديثة تحميها وتحفظ كرامتها على خلاف دول أخرى.


التكتم والخوف من العقاب

وبالرغم من غياب دراسات أو إحصائيات رسمية حول ظاهرة الزواج العرفي نظراً لطابع السرية الذي طالما يحيط بهذا النوع من الزواج والخوف من الوقوع تحت طائلة القانون، تطالعنا من فترة لأخرى شهادات حية لنساء وقعن ضحية الزواج العرفي، وتقدمن بشكاوى لدى المحاكم التونسية بعد تخلي أزواجهن عنهن.

هذا الأمر ظهر جلياً في برنامج تلفزيون الواقع الشهير "عندي منقلك" الذي تبثه قناة الحوار التونسي الخاصة والذي عرض أكثر من مرة شهادات لنساء وشابات وقعن ضحية هذا النوع من الزواج، ويقرُّ معدُّ ومقدم البرنامج الإعلامي علاء الشابي في تصريح لـ"هافينغتون بوست عربي" بانتشار ظاهرة الزواج العرفي في تونس ولاسيما بعد الثورة، حيث عرض خلال برنامجه أكثر من 10 حالات زواج عرفي لنساء من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية والتوجهات الإيديولوجية.

وأضاف: "تصلني شهرياً حالات اجتماعية لزواج عرفي لكني أرفض تمريرها كلها حتى لا أسقط في التعميم وحتى لا أتهم بأني أشرع لمثل هذه الظاهرة في الإعلام".

وواصل قوله: "بما أنه لا توجد حتى اللحظة دراسات وإحصائيات رسمية لحالات الزواج العرفي في تونس ارتأيت عدم التركيز عليها حتى لا أكون مساهماً في تفاقمها والكل يعلم تأثير التلفزيون على المشاهد والمتلقي ولو بشكل غير مقصود لكن هذا لا ينفي قطعاً ضرورة دراستها وتحديد أسبابها ومعالجتها".

الشابي اعتبر أن أغلب من أقدموا على الزواج العرفي لم يقوموا بذلك عن جهل بالقانون بل عن قناعة والهدف في الغالب إضفاء شرعية دينية على علاقة "يحرمها القانون" والمجتمع بين رجل وامرأة خارج إطار الزواج المدني المتعارف عليها.

ومن أغرب حالات الزواج العرفي التي وصلت لبرنامج "عندي من قلك" يقول: "هناك من تزوج بأربع نساء الأولى بشكل قانوني والبقية بشكل عرفي وجمعهم في بيت واحد، واعتبر الزوج بحسب شهادته للبرنامج أنه لم يقدم على أي خطأ لأن الشرع حلل له ذلك".

غطاء ديني لتجنب المعصية

خالد كهل تجاوز الأربعين من عمره أكد لـ"هافينغتون بوست عربي" أنه طلب منه الحضور كشاهد على زواج عرفي لصديق له، وهو رجل أعمال ثري متزوج بأولى وأراد الزواج بشابة تصغره بـ20 سنة، لكن بما أن القانون يمنعه من ذلك وخوفاً من وقوعه في المنكر والمعصية فقد ارتأى الزواج العرفي "مرضاة لله ولتجنب ارتكاب الزنا"، على حد قوله.

ويضيف خالد: "الزواج العرفي في تونس يختلف عن نظيره في دول مشرقية أخرى، إذ إنه يعقد في كثير من الأحيان في غياب رجل الدين، ويقتصر الأمر على حضور شاهد أو شاهدين من الثقات، ويتم إبرام عقد زواج صوري بين المرأة والرجل وينطق كلاهما عبارة: "اللهم أشهد أني زوجتك نفسي" والعكس بالعكس.

ولايترتب عن هذا النوع من الزواج في الغالب أي حقوق للمرأة سواء نفقة شرعية أو مهراً، ويكون الرجل في غالب الأحيان في حل من أي مسؤولية تجاه زوجته طالما لم يتم توثيق العقد رسمياً في المحكمة.


900 حالة زواج عرفي بين الطلبة

وجه آخر لانتشار ظاهرة الزواج العرفي في صفوف طلاب وطالبات الجامعات ولاسيما السلفيين منهم، برز خصوصاً بعد الثورة التونسية، إذ أظهرت دراسة نشرتها صحيفة الشروق التونسية بتاريخ 30 سبتمبر 2013 أن 900 حالة من الزواج العرفي شهدتها الجامعات التونسية بين طلاب وطالبات.

وبحسب شهادة أحمد الذوادي أحد الطلبة والعضو في منظمة الاتحاد العام لطلبة تونس، فقد أكد أن هذه الظاهرة عرفت رواجا بين الطلبة لاسيما بعد تاريخ 14 يناير 2011، وأعاد ذلك إلى ظهور الفتاوي التي تبيح هذا النوع من الزواج في ظل ضعف الإمكانيات المادية للطالب حيث يلجأ لإبرام عقد زواج عرفي حتى يحمي نفسه من الزنا ويعطي لعلاقته شرعية دينية.

رابط الدراسة في صحيفة الشروق
http://bit.ly/1OCAWLA


"خناء سري" تسبغ عليه صفة "الحلال"

ويذهب الباحث في علم الاجتماع التربوي طارق بن الحاج محمد إلى اعتبار أن الزواج العرفي في تونس تحول من طابع السرية والإنكار قبل الثورة إلى العلن والجهر وتبنيه كفكر وممارسة عند بعض الأوساط التونسية، وأضاف :" إنه اليوم عبارة عن "خناء سري" تسبغ عليه صفة "الحلال" لتبريره وهو نوع جديد من العلاقات الحرة، ولكنه هذه المرة مغلف بغلاف الدين يستمد مشروعيته من سياق سياسي واجتماعي داعم لهذا التوجه في إطار نظرية "التدافع الاجتماعي" و"تحرير المبادرة"، ليجعلوا منه أمرا واقعا يساهم في تغيير نمط حياة المجتمع بشكل يتعارض مع الدولة المدنية ونمط الحياة المدنية".

ويضيف: "قد نبدو للوهلة الأولى بأننا عصريون من خلال لباسنا وطريقة عيشنا واستهلاكنا، لكن الحقيقة أن القيم التي تقودنا وتحركنا وتحكم تصرفاتنا (في غفلة منا) هي قيم تقليدية يمثل فيها مفهوم "الحرام والحلال" حجر الزاوية. ولهذا نحاول التحايل على هذا المفهوم وهذه المرجعية بابتداع صيغة تجمع المظهر العصري والمحتوى التقليدي بطريقة فيها الكثير من النشاز، وعدم الانسجام مع النفس والمجتمع والقيم".


فتاوي شاذة لإرضاء حاجات غرائزية

وحول الشروط الأساسية لصحة الزواج يقول الشيخ فريد الباجي رئيس جمعية دار الحديث الزيتونية أنها أربعة أولها موافقة ولي الأمر أي عائلة الزوجة، وتوفر شاهدي عدول من الثقاة، وتقديم المهر، وأخيرا الموافقة والقبول، لكنه استدرك أن هذه الشروط التي كان معمولا بها قديما لم تعد كافية في عصرنا هذا "بسبب كثرة الكذب والنفاق وتنصل الرجال في كثير من الأحيان من المسؤولية" على حد وصفه.
وتابع قائلا :" عملا بمقولة الفقهاء "ما لا يتـم الواجب إلا بــه فهو واجب" أي أنه إذا كنا لانستطيع أن نحمي الأسرة من الانفلات والتفتت إلا بسلطة الدولة أصبح لابد إذا من شرط خامس ليستقيم الزواج وهو علم الدولة به وتوثيقه في السجلات المدنية وبهذه الطريقة تضمن الزوجة حقوقها لها ولأبنائها.

وأقر الباجي بتلقيه شكاوى كثيرة من فتيات جامعيات وقعن ضحية هذا النوع من الزواج العرفي وتم التخلي عنهن بعد علم الطرف الآخر بأنهن حوامل وشدد على أن المتضررات هن منقبات ومحجبات وحتى فتيات سافرات ولا يرتبط هذا النوع من الزواج العرفي حسب قوله بالإسلامي أو الليبرالي بل يشمل الجميع.

وختم قائلا الدين استغل عبر التاريخ لخدمة السلطة والمال والشهرة ومازال هناك من يريد استغلاله حاليا لأغراض جنسية ولإشباع حاجته الغريزية عير استصدار فتاوي شاذة لا تتماشى مع ضوابط ديننا الإسلامي ديننا ما جاء ليمنع الغريزة لكن جاء ليضبطها حتى لا تضر الآخرين.

يتم التشغيل بواسطة Blogger.