لا شك أن مختلف الحروب التي هزّت العراق في السنوات الأخيرة دمّرت المدن وخطفت آلاف وآلاف الأرواح، ونهبت الثروات، إلا أنها لم تفلح في القضاء على روح كرم أبنائها تجاه الغرباء المحتاجين.
فبحسب تقرير صادر عن "مؤسسة المساعدات الخيرية" CAF لعام 2016 بعنوان "مؤشر العطاء العالمي"، حلّ العراق، للعام الثاني على التوالي، في المرتبة الأولى في ما يتعلق بمساعدة الغرباء، إذ أشار 81% من السكان إلى أنهم ساعدوا غريباً في الشهر الذي سبق مشاركتهم بالاستطلاع.
واستناداً إلى هذه النتيجة، استنتج التقرير "أن الحرب الأهلية في العراق لم تؤثر سلباً على عطاء المجتمع العراقي الذي يعتبر تراثاً أصيلاً لديه". وكتفسير لهذه النتيجة التي وصفها التقرير بالاستثنائية، رأى التقرير أن معظم المجتمعات التي تعاني من الهشاشة والأوضاع المتأزمة، غالباً ما تشهد تضافر الجهود بين سكانها لمساعدة بعضهم بعضاً.
وللتأكيد على هذا الاستنتاج، جاءت ليبيا في المرتبة الثانية من أكثر الدول عطاء تجاه الغرباء، على الرغم من الحرب، إذ ساعد 79% من السكان غرباء.
ولا بد من الإشارة الى أن الدول العربية شكّلت الأغلبية في قائمة الدول العشر الأكثر عطاء للغرباء في هذه الدراسة، لتحلّ الكويت في المرتبة الثالثة والصومال رابعة والإمارات العربية المتحدة خامسة والمملكة العربية السعودية في المرتبة العاشرة.
ورأى التقرير أن فئة مساعدة الغرباء ما زالت، على الصعيد العالمي، الطريقة الأكثر شيوعاً للعطاء، إذ إن أكثر من نصف الناس ساعدوا شخصاً غريباً قبل شهر من إجراء الاستطلاع معهم، وكانت نسبة هؤلاء 51.4% بارتفاع 2.2% عن العام الماضي.
إلا أن التصنيف الإجمالي لم يقتصر على ذلك، لا بل يأخذ بعين الاعتبار فئات أخرى من العطاء كالتطوع والتبرع بالمال في محاولة للتوصل إلى مؤشر العطاء العالمي لعام 2016 الذي شمل 140 دولة من كافة أنحاء العالم.
الإمارات الدولة العربية الأكثر عطاءً
للعام الثالث على التوالي، تصدّرت ميانمار مؤشر العطاء العالمي على الرغم من الوضع الاقتصادي السيىء ونسبة الفقر المرتفعة.
وضمن قائمة أول عشرين دولة للعطاء، ورد بلدان عربيان فقط هما الإمارات العربية المتحدة التي جاءت في المرتبة العاشرة (بعد أن كانت في المرتبة الرابعة عشرة العام الماضي) والكويت التي حلّت في المرتبة الـ19 مع زيادة بنسبة 48%, مدفوعة بارتفاع عدد الذين يمضون وقتهم في التطوع ويساعدون الغرباء.
أما في ما يتعلق بالدول العربية الأخرى، فإليكم ترتيبها بحسب مؤشر العطاء العالمي: العراق حلّ في المرتبة 31، والمملكة العربية السعودية في المرتبة 41، سوريا في المرتبة 66، الأردن 71، لبنان 80، مصر 112، تونس 122، واليمن في المرتبة 138.
وإذا أردنا أن نعرف أي قارة هي الأكرم بالإجمال، تبقى أوقيانوسيا الأولى من دون أي منازع مع نسبة 60% تليها القارة الآسيوية بنسبة 37% ثم القارة الأمريكية مع 36% وأوروبا بنسبة 33% وإفريقيا مع 32 %.
لا شك أن الكرم والعطاء يختلفان من شخص إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى، إلا أن الأكيد هو أن الحكومات في مختلف أنحاء العالم قادرة على تعزيز ثقافة العطاء بطرق متنوعة. وشدّد تقرير مؤشر العطاء العالمي مجدداً على بعض التوصيات، على غرار تنظيم مجتمع المنظمات غير الشرعية بطريقة عادلة ومتّسقة وشفافة، من أجل تسهيل مهمة العطاء أمام الأفراد، وتعزيز المجتمع المدني كصوت مستقل، وضمان حقوق الجمعيات في تنظيم حملات التبرع، والتشجيع على العطاء… هذه بعض التوصيات التي في حال تبنّيها من قبل حكومات العالم، قد تساهم في زيادة الكرم وتوفر بيئة ملائمة لمجتمع مدني أفضل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق